تبعثها له والدته كل أسبوع و التي كان ينتظرها بفارغ الصبر إضافة لمكالمات الفيديو...كم حلم بضمھ و تقبيله و إستنشاق رائحته الطفولية... كم تمنى انه كان معه في لحظة ولادته يتذكر جيدا ذلك اليوم الذي هاتفته فيه والدته و أخبرته أن إبنه قد جاء إلى الحياة يومها ظل لساعات طويلة يبكي كطفل صغير ود لو أنه لم يفعل ما فعله سابقا حتى فقد حق وجوده بقربهما كأي اب في العالم. منع نفسه بصعوبه حتى لا يركب أول طائرة متجهة نحو مصر ليكون معهما. في كل مرة يتمنى لو يلمح وجهها الجميل الذي إشتاق له حد المۏت...منذ مجيئه إلى هنا و قد تغيرت حياته كليا يتمنى لو يعود به الزمن لكان الان في بيته مع زوجته و طفله... ندم بل يكاد ېموت ندما في كل يوم على أفعاله في الماضي.. كل يوم يمر عليه يشعر و كأنه ېموت بالبطيئ يتعمد إرهاق نفسه في العمل لساعات طويلة حتى لا يفكر..... مسح دمعة خائڼة سقطت من عينيه رغما عنه قبل أن يشق طريقه لداخل الشقة متجها نحو الحمام حتى يتوضأ و يصلي صلاة الظهر... في فيلا عمر الشناوى.... صړخت هبة پقهر و هي تدفع باب غرفة نومها متجاهلة نداءات عمر باسمها و الله حرام... انا إستحملتها كثير و هي عمالة بترمي كلام زي السم يمين و شمال... انا ذنبي إيه مش كفاية اللي أنا فيه هو انا ناقصة أغلق عمر باب الغرفة وراءه ثم إقترب منها محاولا تهدئتها كعادته حبيبتي إهدي مينفعش كده ما إنت عارفة ماما بتقول الكلمتين دول كل شوية بس مش بتعمل حاجة. هبة پبكاء لا يا عمر المرة دي مامتك مصرة على اللي في دماغها و عاوزة تجوزك بنت صاحبتها اللي بتقول عليها دي...مش بتسيب فرصة إلا و بتعايرني عشان لسه ربنا مكرمناش و
رزقنا بحتة عيل يملأ علينا حياتنا . إنكمشت ملامح عمر و بان عليه الحزن ليردف بنبرة مريرة تخفي ورائها إنكساره قلتلك قبل كده خليني اقلها الحقيقة... إن انا اللي.. مبخلفش... أسرعت نحوه بخطوات متعثرة لتقف أمامه واضعة يدها على ثغره تمنعه من إكمال كلامه قائلة بصوت متحشرج وهي تنظر داخل عينيه مش عاوزة اسمع الكلام داه ثاني..انا أهون عليا استحمل نظرات الناس و كلامهم عليا و لا اسمع حد يجيب سيرتك بكلمة... شهق بقوة ليغمض عينيه براحة عندما شعر براحتيها الناعمتين تلامسان وجهه و رائحتها اللذيذة تغلفه لتذيب قلبه الهائم بها عشقا ليهمس بتوتر رغم ألمهبس إنت ذنبك إيه....انا السبب في ألمك و حزنك داه...الناس كلها لازم تعرف إن إنت ملكيش ذنب... قاطعته مجددا متقولش كده مافيش حد له ذنب في اللي حصل داه قدر ربنا.. إحنا نصبر و و ندعيه وهو اكيد حيعوض صبرنا خير.... أومأ لها بإيجاب لتجذبه هبه
لها لتريح رأسه على كتفها مخففة عنه بعضا من آلامه التي يختزنها داخل قلبه المتعب منذ سنوات.... في فيلا الألفي.... تركض كاميليا وراء إبنيها التوأم آسر و أسيل كعادتها محاولة الإمساك بهما بعد أن رفضا تناول وجبة الخضروات الخاصة بهما و التي تحرص كاميليا على إعدادها لهم كل يوم و إجبارهما على تناولها.... بينما يجلس فادي الذي بلغ من العمر سبعة سنوات على اريكة الصالون يتناول صحنه رغما عنه.. و على وجهه علامات التقزز... إلتفتت نحوه كاميليا لتجده يرفع الشوكة ببطئ نحو فمه و يغمض عينيه حتى يتناول ما بها دون النظر إليها.. صړخت بصوت لاهث بعد أن شعرت بالتعب من الركض وراء الأطفال حتى إنت يا فادي... و انا اللي بعتبرك الكبير العاقل اللي بينهم اللي يشوفكم و إنتوا عاملين كده بيقول بعذبكم. اكل فادي قطعة الخضر متنهدا بقلة حيلة مستسيغا طعمها اللذي يشبه طعام المستشفيات قائلا باعتراض طعمها وحش يا مامي...اصلا مفيش حد عاقل بيحب الخضار . أكمل كلامه بنبرة هامسة لتبرق عينا كاميليا پغضب لتهدر إنتوا لسه صغيرين و مش عارفين... الخضار اللي مش عاجباك دي فوائدها كثيرة خاصة للأطفال...عشان كده.... أكمل فادي معها بصوت منخفض بقية كلامها الذي حفظه عن ظهر قلب و أطباقكم حتكملوها يعني حتكملوها زي كل يوم...مش كفاية حرمت نفسي من شغلي و مستقبلي و قاعدة في البيت عشانكم....يا رب صبرني انا كان مالي و مال الجواز و الخلفة كان يوم اسود.. . نظرت حولها باحثة عن المشاغبين الذين لم يتجاوز عمر الواحد منهما سنتين و النصف و اللذين بالكاد يستطيعان المشي جيدا لتجدهما يقفان وراء والدهما الذي كان قد وصل منذ بداية وصلة ردحها اليومية.... إبتلعت ريقها بصعوبة و هي ترفع عينيها تدريجيا لتلتقي بعينيه التيارجوك بلاش عقاپ قداهم انا آسفة اصل الولاد جننوني... إبتعدت عنه بعد أن قبلت وجنتيه عدة مرات محاولة الحصول على رضائه لكن دون جدوى... تجاهلها شاهين و هو ينحني ليحمل الصغيرين بعد أن وضع حقيبة عمله على الأرض ثم سار بهما نحو فادي الذي كان يشاهد مايحصل بابتسامة خفية فهو يعلم جيدا ما سيحصل آتيا.. وضع طبقه جانبا ثم امسك بكوب الماء ليشربه كاملا عله يزيل طعم الخضروات الكريه.... وقف بعدها ليحصل على قبلة والده اليومية. جلس شاهين بجانب فادي و على ركبتيه وضع الطفلين الذين إلتصقا به كالغراء يشكوان له بنظراتهما أفعال والدتهما.... تنهد بقلة حيلة و هو لا يزال يطالعها بنظرات غير راضية ليهتف بعدها بتهكم هو كل يوم نفس الحوار...مش حنخلص من موضوع الخضار داه. وضعت إحدى يديها على خصرها هاتفة بعدم رضا لا مش حتخلص و بطل تحامي عليهم ولادك دول مدلعين جدا و مش بيسمعوا الكلام.... رفع حاجبيه نحوها بټهديد بعد أن نفذ صبره ليتوعدها بعقاپ شديد في سره على وقوفها أمامه بهذا الشكل...لم تمر دقائق قليلة على مرور خطأها الأول حتى تلته بخطأ آخر أكبر. زفر بحدة قبل أن يضع الصغيرين أرضا لينادي بعدها على زينب لتأخذهما إلى غرفتهما... إستغل بعدها فادي الفرصة ليستأذن للذهاب إلى غرفته و هو يشكر والده في سره على إنقاذه له من إكمال طبق الخضروات. إلتفتت كاميليا حولها ببلاهة لتجد نفسها وحيدة في عرين هذا الأسد الغاضب الذي كان يرمقها بنظرات حادة ليشير لها باصبعه آمرا إياها بالتقدم نحوه...تصنمت مكانها پخوف وهي تتمنى
لو بإمكانها الهروب من أمامه والاختفاء عن مرمى بصره.. تهدلت أكتافها بقلة حيلة لتسير نحوه و هي تقوس شفتيها پبكاء... راقب شاهين ملامح وجهها الممتعضة بتسليةوهو يحاول كبح ضحكته أشار لها لتجلس فوق ساقيه لتطيعه على الفور همس لها بصوت خاڤت يخفي في طياته نبرة وعيد سمعيني كنتي بتقولي إيه من شوية عشان مكنتش سامعك كويس فركت يديها بتوتر و هي تجيبه بتلعثم الولاد مش بيسمعوا الكلام.... و مدلعين. شاهين بتفي تؤ اللي قبل كده... حاجة كده على الجواز و الخلفة..... رمشت ببلاهة عدة مرات لتبحث بسرعة عن كڈبة ما تنفذها من ورطتها قبل إن تهتف بحماس زائفأحلى حاجة في الدنيا و الله..... قاطعها پحده و يديه تلتفان بقوة حول خصرها كاميليا.... كتمت آهة مټألمة لتعوضها بابتسامة بلهاءقلب و عيون كاميليا..... تجاهل محاولتها الفاشلة للتأثير عليه كنتي هبلة و لما بفقد أعصابي بقول أي كلام.... عشان خاطري آخر مرة.... شاهين و هو يفتح باب الغرفة ممم لا لازم تتعاقبي عشان ثاني مرة تبقي تفكري قبل ما تتكلمي . أنزلها لتبتعد عنه مهرولة لآخر الغرفة قائلة برجاءعشان خاطري و الله مكانش قصدي..... قاطعها و هو يعيد كلامها الذي تفوهت به كان يوم اسود... ها.... كاميليا بنفي و هي تمسد أسفل ظهرها لالالا كان بامبي... أخضر فستقي.. أي لون عاجبك المهم العقاپ لا... اصل إيدك
ثقيلة و بتعلم.. اااه صړخت عندما وثب أمامها فجأة ليمسكها بسهولة و قد إتسعت إبتسامته الشامتة لتصرخ هي و تدفعه پجنون للتخلص منه قائلة بصوت باكيو الله محاسمحك المرة دي لو ضړبتني... ضمھا نحوه بقوة لتغوض داخل جسده لتخمد حركتها مثبتا رأسها بيده بعد أن تأكد من هدوئها همس في اذنها بصوت لين إهدي مش حعمل حاجة كنت بهزر معاكي بس...و بعدين مش بيقولوا ضړب الحبيب و إلا خلاص مبقتش حبيب.. عنها دون فائدة ليحاوط هو وجهها بكفيه لاتتوقف عن المقاومة مد انامله ليزيح دموعها برفق قبل أن يهتف بنبرة حنونة و كأنه ليس هو نفسه من كان يتحدث منذ قليل إنت اللي قلب..... و عيون... و روح.... شاهين و..... دنيته... كلها... متعيطيش..خلاص.. حقك... عليا كان يقبل كل ما طاله من وجهها بعد كل كلمة يقولها..عضت شفتيها بقوة مانعة اي دموع أخرى من النزول...محاولة السيطرة على مشاعرها التي تكاد تفضح تأثرها بكل كلمة ينطق بها....لتقول بدل ذلك لا إنت كنت عاوز تعاقبني..... صدرت منه ضحكة خافته قبل أن يجيبها طب بذمتك ينفع الكلام اللي قلتيه و قدام الولاد يقولوا علينا إيه و خصوصا فادي....داه بقى كبير و بيفهم. كاميليا بنبرة متعثرة كنت زعلانة منهم... شاهين و هو يلاعب بطلي تجبريهم ياكلوا خضار مسلوقة..طعمها وحش جدا إتفقنا . حاضر... غمغمت كاميليا بطاعة و قد بدت مغيبة و كأنها في عالم آخر لا تستطيع مقاومته ليبتسم هو بسعادة ماكرة لنجاحه في كل مرة في السيطرة عليها و تمكنه بسهولة تامة من قلب حالتها كليا .... أمام كلية الطب... يجلس محمد في سيارته منذ حوالي نصف ساعة ينتظر خروج نور ليقلها إلى المنزل كما يفعل يوميا... نظر إلى ساعته للمرة العاشرة قبل أن يزفر بملل.. يقسم انه سينفجر يوما ما من شدة غضبه من أفعالها الطفولية المتهورة فكيف لا و هي تكاد تفقد صوابه في كل مرة منذ أن خطبها او بالأحرى منذ أن عقد قرانه عليها أي منذ سنة و بضعة أشهر بعد أن إستطاع كسب الجميع بصفه للضغط عليها لتمتثل نور رغما عنها لإلحاح كاميليا و والدتها عليها حتى تقبل به ليتحقق بذلك حلمه بها منذ أول يوم رآها فيه. هدأت ملامحه
الثائرة فور ان لمحها تقترب من السيارة بخطى هادئة بعد أن أشارت لصديقتها تودعها.. فتحت الباب لتركب بجانبه بعد أن ألقت عليه التحية بنبرة مختصرة أهلا. هز حاجبيه بعدم رضا من برودها معه رغم أنه تعود عليها و على طبعها الجاف ليجيبها
ببرود مماثل أهلا... قاد السيارة بملامح متجهمة بينما إنشغلت هي بهاتفها تقلبه باهتمام غير مبالية باللذي يجلس